مقابلة حوارية مع دار النشر «ديوان مجريط» أجرتها «إيزيدورا إديتوريال«
في خضم الأدب والدراسات الأكاديمية، تبرز «ديوان مجريط» كمنارة للمعرفة والحوار بين الثقافات، حيث ركزت اهتمامها بشكل خاص على العلوم الإنسانية والإجتماعية المتعلقة بشمال إفريقيا والشرق الأوسط. هذه الدار التي ولدت من رحم مكتبة ديوان، وكرست جهودها لنشر فهم متعدد الأوجه لهاتين المنطقتين الغنيتين والمتنوعتين. اليوم، من خلال «إيزيدورا إديتوريال»، كنا محظوظون للتحاور مع القائمين على دار النشر «ديوان مجريط» للتعرف أكثر على بدايات هذه المؤسسة الفريدة وفلسفتها وتوجهاتها المستقبلية.
.1بدايات المؤسسة وفلسفتها
إيزيدورا إديتوريال: ما هو مصدر إلهامكم وراء إنشاء «ديوان مجريط» وكيف تحددون فلسفتكم التحريرية؟
ديوان مجريط: أنشئت دار النشر «ديوان مجريط» في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ورأت النور بعد التطور المثمر الذي شهدته مكتبة ديوان التي تحتفل في عام 2025 بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لتأسيسها كمكتبة متخصصة في العلوم الإنسانية والاجتماعية ذات طابع خاص موجّهة— في منظورها التاريخي والراهن— إلى شمال أفريقيا والشرق والأوسط، وامتدت منذ بضع سنوات حتى الآن لتشمل أيضًا أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (خاصة غينيا الاستوائية). وقد ألهم هذا المسار الطويل والغني تطوير دار النشر ديوان، من أجل الوصول إلى الجمهور الناطق بالإسبانية، ليس بالضرورة المتخصص، عبر أعمال نوعية تركز على نشر المعرفة المتعددة المتنوعة للمناطق الجغرافية السابقة الذكر، سواء تعلق الأمر بدراسات أكاديمية، أو بحثية، أو بأعمال أدبية، أو مترجمة. بالإضافة إلى الإسبانية، تنشر دار «ديوان مجريط» بلغات أخرى: العربية، الفرنسية والإنجليزية. أما في المجال الأدبي، فهي تعمل بشكل رئيسي على إصدار كتب شعرية ثنائية اللغة (الإسبانية-العربية). ففلسفة ديوان تعتمد بالأساس على تعزيز المعرفة والتواصل بين الثقافات. وهي تثمن بشكل خاص، وبلا حدود، إسهامات الأساتذة الجامعيين والخبراء في الدراسات العربية والأمازيغية والإسبانية، باعتبارهم جسور تواصل وانصهار ثقافي لا غنى عنهم. وبالإضافة إلى هؤلاء، يضم «ديوان مجريط» كُتّابًا ذوو مسيرة وخبرة وناشئين على حد سواء.
من بين المجموعات الموضوعاتية المتنوعة التي انشأتها «ديوان مجريط» مجموعة ديوان أفريقيا ومجموعة الأدب المغربي بالإسبانية اللتين تتميزان بانتظامهما. والهدف من خلال هاتين المجموعتين هو تسليط الضوء على أدب ودراسات الكتّاب المغاربة وكتاب غينيا الاستوائية. هناك مجموعة أخرى عابرة للثقافات والتي أعطت ثمارها في الديوان تحمل اسم «نساء متنوعات»، وهي متاحة باللغة الإسبانية وتهتم بجميع المجالات التي تكون فيها المرأة موضوعا محوريا من خلال الكتابات الأدبية أو الأكاديمية بالمنظور التاريخي والراهن، في المناطق الجغرافية السابقة الذكر.
إيزيدورا إديتوريال: استكمالاً لحوارنا الشيق مع «ديوان مجريط»، نتطرق الآن إلى الدور الذي يلعبه التنوع الثقافي الذي يحدد اختياراتكم في النشر والمواضيع ذات الأولوية في منشوراتكم.
2. تعزيز التنوع الثقافي:
إيزيدورا إديتوريال: ما هو الدور الذي يلعبه التنوع الثقافي في اختيار الأعمال والمؤلفين لفهرس ديوانكم؟
ديوان مجريط: التنوع الثقافي هو مصدر اهتمام ويحظى بأولوية في دار «ديوان مجريط». وعند إعداد فهرسنا، نعتبر أن جودة الأعمال والمسار العلمي للمؤلفين وقدرتهم على التواصل مع جمهور القراء أمران أساسيان. نحن نسعى جاهدين إلى مقاربة التنوع الثقافي من خلال أعمال مصممة لتكون في متناول جمهور واسع، وبالتالي من خلال الأدب والدراسات الأكاديمية، والمواضيع النموذجية، والمتحيزة، لتفكيك الأحكام المسبقة والنمطية التي تضر بالتفاهم بين الأفراد والشعوب.
3. الرؤية الأدبية:
إيزيدورا إديتوريال: ما هي الأصناف أو المواضيع التي تعطونها الأولوية عادةً في إصداراتكم، وما الذي تسعون إلى إيصاله من خلالها؟
ديوان مجريط: فيما يتعلق بالإبداع الأدبي أو الترجمة، نركز في دار النشر «ديوان مجريط» على النثر والنثر الشعري، والرواية، والقصة، والدواوين الشعرية، والمسرحيات التي تعتبر جزءا من اهتمامنا. أما في مجال البحوث أو الدراسات الأكاديمية، فنركز بشكل خاص على الدراسات التاريخية والجغرافيا البشرية، بالإضافة إلى المقاربات الأدبية والأنثروبولوجية والاجتماعية. وهدفنا هو تقديم منشورات لا تقتصر على المتعة فحسب، بل أيضاً التثقيف وتعزيز فهم أعمق للثقافات والمجتمعات المتنوعة التي نتناولها.
إيزيدورا إديتوريال: ننتقل في حوارنا مع «ديوان مجريط» إلى محور آخر لاكتشاف مدى تأثير الروابط الثقافية بين إسبانيا والمغرب على رؤيتكم في مجال النشر، والتحديات التي تواجهونها في هذا المجال.
4. العلاقة بين الأدب الإسباني والمغربي:
إيزيدورا إديتوريال: كيف تؤثر الروابط بين إسبانيا والمغرب على رؤية ومشاريع دار النشر؟
ديوان مجريط: يشترك المغرب وإسبانيا، باعتبارهما بلدين متجاورين —عبر ضفتي البحر الأبيض المتوسط— في العديد من التحولات الثقافية والإنسانية والتقاليد التاريخية الراسخة. فالدراسات المغربية حول إسبانيا والاستعراب الإسباني تشيدان جسورًا ثقافية تنعكس بقوة ليس فقط على الحركة الأكاديمية والمهنية، بل أيضًا على الحياة اليومية لكلا البلدين. فغالبًا ما يدرس المغاربة المتخصصون في الدراسات الإسبانية ويحصلون على الدكتوراه في الجامعات الإسبانية، ويستقرون لاحقًا بإسبانيا، في حين أن المستعربين وبعض المؤرخين الإسبان المتخصصين في المغرب العربي، كثيرًا ما يسافرون إلى المغرب ويحافظون على تعاون وثيق مع زملائهم المغاربة. وعلاوة على ذلك، فإن التعاون الاقتصادي وهجرة اليد العاملة المؤهلة أمران مهمان كذلك، كما أن العديد من الإسبان من أصل مغربي قاموا بإنشاء وتطوير مقاولات في إسبانيا. وهذه الديناميكيات تثري طبعا مشاريع النشر التي نسعى من خلالها إلى تعزيز التفاهم المتبادل والتقارب الثقافي بين شعبي إسبانيا والمغرب.
5. التحديات في قطاع النشر:
إيزيدورا إديتوريال: ما هي أكبر التحديات التي تواجه دار نشر مستقلة مثل «ديوان مجريط» في المشهد الراهن للسوق الأدبي؟
ديوان مجريط: التحدي الرئيسي هو توعية جمهور القراء وتعزيز اهتمامهم بمجالات المعرفة التي نتناولها. منذ عام 2020، كثفت مكتبتنا من الأنشطة الثقافية مثل الندوات والمؤتمرات، سواء المباشرة أو الافتراضية، لتشجيع القراءة وفتح آفاق ببليوغرافية من خلال مشاركة الأساتذة والخبراء. وهذه الأنشطة طبعا تساعد على تعميق المعرفة وتثمين مواضيعنا ذات الخصوصية.
6. الابتكار في تسويق وترويج الكتب:
إيزيدورا إديتوريال: كيف تتعامل «ديوان مجريط» مع الاتجاهات الجديدة في تسويق وترويج الكتب وتوزيعها، خاصة في عالم رقمي؟
ديوان مجريط: دارنا حاضرة بشكل جيد في مجال التسويق في إسبانيا، وقد توسعت مؤخرًا بتأسيس فرع بمدينة طنجة. نشارك أيضا بنشاط ودينامية في معارض الكتب الوطنية والدولية، مستفيدين من المنصات التقليدية والرقمية للوصول إلى جمهورنا.
7. مستقبل دار النشر:
إيزيدورا إديتوريال: ما هي المشاريع أو الطموحات التي لديكم للسنوات القادمة، سواء من حيث الإصدارات أو من حيث التوسع الثقافي؟
ديوان مجريط: نخطط لتعزيز توجهات العمل التي اتبعناها حتى الآن وتعزيز التعاون مع المؤسسات الثقافية العامة والخاصة. ونطمح كذلك إلى الاستمرار في أن نكون صوتاً مؤثراً في الترويج لأدب وثقافة الجهات التي نمثلها.
8. مستقبل النشر المستقل باللغة الإسبانية:
إيزيدورا إديتوريال: كيف تتصورون مستقبل النشر المستقل باللغة الإسبانية؟
ديوان مجريط: بتفاؤل وبأمل، ولكن مع إدراكنا للجهد والمسؤولية الكبيرة التي تنطوي على تحفيز جمهور القراء بأعمال نوعية وذات جودة. نحن ملتزمون بالتغلب على مثل هذه التحديات باستمرار من أجل تقديم محتوى ملائم ومتاح للقراء.
ترجمة: مصطفى زيان
Descubre más desde Isidora Cultural
Suscríbete y recibe las últimas entradas en tu correo electrónico.