في كتابه «الهويات القاتلة»، يؤكد أمين معلوف أن قدرا كبيرا من المشاكل التي يتخبط فيها العالم الإسلامي ليس مصدرها الدين بقدر ما يجب أن نضعها في إطار سياق أشمل، مرتبط بتدخل القوى الغربية واحتلالها لأجزاء من الشرق الأوسط، وكذا بصيرورات الاستقلال اللاحقة.
يكشف هذا الأمر عن ظاهرة امتدّت عبر حقب تاريخ طويل، بما أن المشاكل التي يشتكي منها الشرق الأوسط الإسلامي، ترتبط بسياسة التدخل المباشر التي ينهجها الغرب. ورغم أن هذه السياسة ليست بالعامل الأوحد، فإنها مع ذلك تشكل نقطة ارتكاز في ديناميات متشابكة واصلت تشكلها منذ القرن الثامن عشر. فعادة ما تتحدث كتب التاريخ عن هذا الأخير باعتباره القرن الذي بدأت تتبلور فيه أزمة العالم الإسلامي التي يتداخل فيها الاقتصادي بالترابي و المؤسساتي، إضافةً إلى التطاحنات العقدية التي تتخذ شكل مواقف ومزايدات سياسية؛ وهو ما سوف يتجسد مع الهيمنة التركية العثمانية في القرنين المواليين. إذن، فالعالم العربي الإسلامي سيتفاعل مع هذا الواقع الجديد، والمشاحنات المتبادلة بين العرب والأتراك لن تتأخر في الظهور، محملا كل طرف منهما مصائبه للطرف الثاني.
Descubre más desde Isidora Cultural
Suscríbete y recibe las últimas entradas en tu correo electrónico.