ألثستي
مسرحية
ترجمة: عمر بوحاشي
ألثستي Alceste مسرحية كوميدية هزلية في ثلاثة فصول ( الفصل الثالث مقسوم إلى لوحتين )
عرضت في مسرح الأميرة ليلة 21 أبريل 1914.
إلى مشاهدي وقارئي ألثستي
أحسست منذ زمن أنني مفتون بسيرة ألثستي، ملكة طيساليا مثال ورمز لنكران الذات في أسمى مظاهره، روح نقية وشاعرية تنير العصور السحيقة حيث يختلط التاريخ بالميثولوجية.
بدت لي قضية جميلة مناسبة لعرضها على شكل مسرحية بطريقة وأسلوب حديثين. وكان أول عمل قمت به هو البحث في الأبعاد المظلمة للحياة الهيلينية عن الوقائع التي أدت إلى تلك الحالة من الإيثار البطولي، منذ الحكم على أدميتو Admeto حتى موت الملكة الشابة الودود وبعثها.
استطعت في الخلط الذي يلف هذه الأسطورة أن أحدد التاريخ المحتمل. إوميلو Eumelo الابن الأكبر لألثستي، والذي أقدمه في الثامنة من عمره، يُذكر في الإلياذة، القصيدة الثانية، يقود إحدى عشرة سفينة التي ذهبت لاحتلال طروادة. كان متزوجا بإحدى أخوات بينيلوبي وحارب بشجاعة في قوات أخيليس Aquiles وأغامينون. Agamenon وفي الأوديسة يتحدث أبو الشعر عن بطولات ابن ألثستي. إذن لنحدد غموض التاريخ الهيليني فقضيتنا تتراوح بين سنوات 950 و 980 قبل الميلاد.
الموضوع قديم: إننا في العصر القديم. وعازم على تقديم أسطورة ألثستي على المسرح، فالرأي الذي أبداه خوصي رامون ميليدا José Ramón Mélida والملاحظات المعبرة لماريا غريرو María Guerrero أستاذة لا يشق لها غبارفي جميع فنون التمثيل حركتني لأنقل العمل إلى عصر بيريكليس Pericles، الأنسب لإضفاء الرونق على لوازم الأسطورة المسرحية. وفي ميدان الإجازات كان علي أن أتناول أخرى. الأولى كانت تعويض شخصية أبولو Apolo بميركوريو Mercurio لأن هذا الإله الأكثر اتصالا بالبشر يسهل علي تحديث مسرحيتي معطيا لهذه الصورة الطبع الساخر والمألوف الذي أراه مناسبا. إجازة أخرى لا أندم عليها هي إخراج أم أدميتو إلى الخشبة، بالاسم الخيالي إيريكتيا Erectea مشكلا بها طبعا شديدا مثل العجوز فيرس Pherés أب ملك طيساليا. إجازات جديدة أو تحررات مباحة في جميع الفنون، ستلاحظونها في تقديم الطفيليين المكرمين في القصر وعلى مائدة الملوك: المؤرخ جورجياس Gorgias، الفيلسوف أريستيبو Aristipo والفلكي كليون Cleon وعازف القانون بوليكراطيس Polícrates.
إن استخدام اتحاد ممالك أو فيدرالية طيساليا كنابض مأساوي يحدد ويقوي فعل ألثستي الجميل هو تعديل بقدر ما هو تعسفي هو مباح.
لا هذا، ولا الطفيليون ولا طبعا فيرس وإيريكتيا، المتعلقين بالوصاية الثلاثية، ولا تدخل هيرميس Hermes اللطيف والتوفيقي، ولا الملابس الجميلة كانت مناسبة للعصر القديم، حيث خشونة الفن المعماري، وبساطة الملابس وهمجية العادات ستقلل من سحر براعة المسرح.
أجمل عمل، من بين الأعمال العديدة التي ألهمتها أسطورة ألثستي هو مأساة يوربيديس Eurípides، التي عرضت في أثينا سنة 438 قبل الميلاد. بعد قراءتها وإعادة قراءتها بتمعن، فكرت في أنه كي أجذب اهتمام الجمهور في عصرنا الحاضر كان لزاما علي أن أعالج العمل بأسلوب مختلف تماما عن الأسلوب الذي اتبعه الأستاذ الهيليني، الذي كان بطبيعة الحال يحرص على إرضاء معاصريه. فالنزاع الطويل بين أبولو وملك الموت، ورثاءات جوقة المرتلين، الذين على لسانهم يعبر الشاعر عن أفكاره متوسلا في بعض الأحيان إحساس الأشخاص الأحياء، الباراباز La Parabase وخطاب الهوامش أمام زمرة الممثلين ستتعطل في زمننا إذا لم يكن لها طابع العرض الأثري الفضولي. لكنني عدلت عنها في يقيني الثابت بأن هذه الطرائف هي للقراءة أكثر منها للعرض.
الاتصال الوحيد للعمل الذي ستقرؤونه مع مأساة يوربيديس يوجد في مشهد الحنان حين تودع الملكة المحتضرة أبناءها وزوجها وخدمها. أصل إلى النهاية عبر طرق مختلفة تماما عن يوربيديس: بعث ألثستي. أقدم هرقل كبطل لا يقهر، مهمته تطهير الأرض من الجبابرة وإقامة العدل بين البشر. أكرم الشخصية مهملا الأفعال الماجنة والنهمة التي كانت تفسح المجال لقهقهات وجلبة المشاهدين الأثينيين في عرض مسرحية يوربيديس. الوقار المأساوي يتحول إلى صخب تهريجي، حسب ما هو ثابت في الوثائق الأدبية التي وصلت إلينا. وللتعجيل بالحل النهائي، فابن جوبيتير Jupíter الذي عبر برصانة وفصاحة خاصتين بسلالته الإلهية يتحول إلى صانع معجزات أمام جثة الملكة الجميلة، وبمناشدة حارة يخرجها من إمبراطورية الموت المظلمة.
وأنهي مؤكدا أن نكران الذات الذي قدمته ملكة طيساليا له القيمة الأخلاقية لتضحية مسيحية. لا في الميثولوجية الهندية ولا في الكلدانية، ولا في الأسكندنابية نجد فعلا مشابها لما أقدمت عليه ألثستي، والذي حدث عشرة قرون قبل المسيح.
بينيتو بيرث غالدوس
مدريد 21 أبريل 1914.
Descubre más desde Isidora Cultural
Suscríbete y recibe las últimas entradas en tu correo electrónico.